التاريخ يؤكد للمدرب البرتغالي أن الرحيل عن ريال مدريد ليس بالفكرة الجيدة وأنه مقبرة لمدربيه أكثر مما هو مقبرة للنجوم حى لو فاز بالألقاب والبطولات.
كان البرتغالي جوزيه مورينيو المدير الفني لريال مدريد الإسباني صاحب الابتسامة الأعرض بين الحاضرين لمباراة فريقه الملكي وهو يسحق ضيفه ملقة بسباعية نظيفة مع الرأفة، ليس بسبب النقاط الثلاث، وإنما لتفوقه على التشيلي مانويل بيلليغريني سلفه في مدريد.
ومن المؤكد أن الرضا والسرور نفخا أوداج المدرب البرتغالي المعروف بلقب "المميز"، وهو يرى فريقه ينتصر له بقوة في المعركة الكلامية الشرسة التي انطلقت قبل المباراة مع بيلليغريني، والتي أكد فيها مورينيو أنه إذا رحل من مدريد فإن ذلك سيكون إلى أحد كبار القارة العجوز وليس لفريق يصارع من أجل البقاء مثل ملقة.
لكن من المؤكد أيضا أن "المميز" عندما أطلق تصريحاته النارية في وجه بيلليغريني لم يدرس تاريخ ناديه الملكي جيدا، وإلا لما أثار استفزاز التاريخ بمثل هذه الطريقة الفجة!
فتاريخ ريال مدريد مع المدربين يشهد بأنه مثلما يعرف عنه أنه مقبرة للنجوم التي تأتي إليه "غالاكتيكوس" فتجد مكانها خارج التشكيل أو على مقعد البدلاء في أفضل حال، فإنه يشهد بأنه مقبرة للمدربين أيضا.
وهناك لاعبين كبار ذهبوا إلى ريال مدريد وهم نجوم، لكنهم خرجوا من بابه الخلفي، مثل الإنكليزيين ستيف مكمنمان ومايكل أوين وديفيد بيكام، والهولنديين أريين روبن وويسلي شنايدر ورفائيل فان در فارت.
لعنة المدربين أشد قسوة
أما على صعيد المدربين، فاللعنة على الخارج من "الحضن الملكي" أشد قسوة وإيلاما، وذلك منذ رحيل المدرب الكبير فيسنتي ديل بوسكي عام 2003 بعد مسيرة حافلة بالإنجازات مع ريال مدريد.
وحتى ديل بوسكي صاحب القدرات التدريبية المتميزة نفسه عانى بشدة وهو خارج من الباب الأمامي للريال، فظل عاطلا عن العمل لمدة 5 سنوات لم يتخللها سوى تجربة مخيبة للآمال والطموحات مع بشيكتاش التركي موسم 2004-2005، حتى "فك النحس" مع منتخب إسبانيا وفاز بكأس العالم 2010 بعد سبع سنوات عجاف.
وعقب رحيل ديل بوسكي، توسم فلورنتينو بيريز رئيس النادي الخير في كارلوس كيروش مساعد الاسكتلندي أليكس فيرغسون المدير الفني لمانشستر يونايتد الإنكليزي، فاستقدمه لقيادة الفريق، لكنه قدم موسما فاشلا بكل المقاييس، كانت مشاكل وفضائح اللاعبين تتصدر الصفحات الرياضية بدلا من أخبار الانتصارات نظرا لضعف شخصيته، ورحل غير مأسوفا عليه.
وعاد كيروش في "جلباب" فيرغسون - أو لنقل معطفه - حتى أتاه عرضا لتدريب منتخب بلاده، حيث خاض معه مونديال 2010 دون إنجاز يذكر، قبل أن يطرد من منصبه بسبب النتائج الهزيلة في التصفيات الأوروبية 2012.
ثلاثة مدربين في موسم واحد.. والنتيجة صفر
عقب كيروش، تولى خوسيه أنطونيو كاماتشو تدريب الفريق، لكنه رحل سريعا بعد خسارتين في أربعة أيام أمام باير ليفركوزن الألماني ثم إسبانيول، ليجد نفسه دون وظيفة أيضا حتى 2007 عندما تولى بنفيكا لموسم واحد، ثم تولى تدريب أوساسونا إلى الآن.
في ذلك الموسم، مر على ريال مدريد ثلاثة مدربين، فبعد كاماتشو تولى المدرب المساعد ماريانو غارسيا ريمون الفريق لكنه الفريق لم يتحسن كثيرا، ليرحل ويذهب طي النسيان ويتولى بدلا منه البرازيلي فاندرلي لوكسمبورغو ليكمل الموسم.
لكن لوكسمبورغو لم يبق طويلا مع ريال مدريد حيث رحل في منتصف موسمه الثاني مع الفريق (2005-2006)، لتصيبه اللعنة المدريدية ويعود إلى البرازيل متجولا بين أنديتها المختلفة دون أن يغادرها إلى الآخر.
حتى الطوارئ.. أصابته اللعنة!
كرر ريال مدريد في ذلك الموسم تجربة مدرب الإنقاذ وكان خوان رامون لوبيز كارو مدرب فريق الناشئين، حيث استطاع الصمود في مهمته المؤقتة إلى نهاية الموسم، قبل أن ينتقل لتدريب راسينغ سانتندر.
لكن اللعنة كانت قد أصابته مثل سابقيه، فأقيل من منصبه بعد شهرين فقط ليتولى تدريب ليفانتي ويتعرض للإقالة أيضا بعدما وضع الفريق في المركز السابع عشر، ما تكرر مرة ثالثة مع ثالث تجاربه بعد الريال مع سيلتا فيغو في موسم 2008!
النجاح لا يكفي لفك التعويذة
وحتى عندما عرف ريال مدريد طعم البطولات مع مدربه الإيطالي فابيو كابيللو في 2007، لم ينقذه ذلك من الإقالة ليتولى تدريب المنتخب الإنكليزي منذ 2008، وكان فشله الذريع في مونديال 2010 هو حديث العالم أجمع، والله وحده يعلم لماذا بقي مدربا لمنتخب الأسود الثلاثة حتى الآن!
تكرر الأمر مع الألماني بيرند شوستر الذي استطاع الحفاظ على لقب الدوري في مدريد عام 2008، لكنه لم يكمل موسمه الثاني كما هي العادة مع مدربي الفريق الملكي، ورحل عقب خسارة الفريق أمام إشبيلية 4-3، وهو يتولى تدريب بشيكتاش التركي حاليا دون إنجازات تذكر.
خلف شوستر في "المقعد الساخن" خواندي راموس الذي أبدع مع إشبيلية، وقدم موسما متوسطا مع ريال مدريد حتى كانت السقطة التاريخية بالخسارة أمام برشلونة في سانتياغو برنابيو 6-2، ليرحل كالعادة ويتولى تدريب سسكا موسكو، وبالطبع لم يبق في منصبه أكثر من 47 يوما ورحل عقب خسارة رفيقه الروسي أمام لوزينكي 3-1.
بيلليغريني آخر الضحايا
وكان آخر ضحايا الفريق الملكي بيلليغريني الذي قدم أفضل مواسم ريال مدريد في الدوري، لكنه خسر الدوري أمام فريق خارق في ذلك الموسم هو برشلونة، ليتولى تدريب ملقة ويسخر منه مورينيو لقبوله هذا المنصب بعد أن كان مدربا لعملاق العمالقة في أوروبا.
والآن.. وبعد سرد مسيرة جميع مدربي ريال مدريد في العقد الأخير عقب رحيلهم عن الفريق الملكي، على المدرب "المميز" أن يقرأ تاريخ أسلافه جيدا وأن يستفد منه، إذا أراد أن يتفادى المصير المحتوم!